المشاركات
عرض الرسائل ذات التصنيف كان المشهد تراجيدياً إلى أبعد الحدود. توجّهت المرأة الخمسينية من ناحية برج الساعة العثماني في ساحة التل بطرابلس، تجاه محلات بيع المأكولات السريعة، المواجِهة لحديقة المنشية وسط المدينة، على يمينها شابة في بداية سلّم المراهقة، وعلى يسارها صبيّة على حافّة العشرين
تمتمات غير مسموعة بين الأطراف الثلاثة، تبعها بحث عن شيء ما في حقيبة الأم والبنت الكبرى، بحثٌ أشبه بعملية دهم أمنية، كادت الأم أن ترمي ما بداخل الحقيبة على الأرض، كأنّها تبلغهما أنّه ليس في حوزتها "ممنوعات". تحرّكت المراهقة الصغيرة، أدخلت يدها في جيب بنطالها الأسود، أخرجت أموالاً قليلة، منها الورقي والمعدنيّ، انفرجت أساريرهن جميعاً، ابتسمت الأم وربّتت على كتف ابنتها الصغيرة، وضمتها كما تضم العصفورة صغيرها
توجّهن نحو محل الحلبي لبيع الفلافل، سألنه عن سعر "السندويشة"، أجابهن: أربعة آلاف ليرة، امتعضت الأم وتراجعت الى الخلف خطوتين، نظرت إلى ابنتيها شاكية مُحبطة، "اموال المراهقة" لا تكفي لشراء "سندويشة واحدة"، أجرت الأم تفتيشاً جديداً في حقيبتها، عساها تُرزق من غير أن تحتسب، وقعت يدها على عملة معدنية من فئة الـ500 ليرة لبنانية، عادت البسمة الى وجهها، تقدّمت نحو البائع، طلبت "سندويشة"